* * *
تمهيد: التفكيك الحاسم للبنية التحتيّة يذهب خطوة أبعد من تعطيل المنظومات. الهدف هو التفكيك الدائم لأكبر قدر ممكن من البنية التحتية الصناعيّة. هذه المرحلة هي الملاذ الأخير؛ في معظم التوقّعات المتفائلة، لن تكون ضروريّة. في التوقّعات المتفائلة لهذا السيناريو، الأزمات المجتمعة وتعطيل البُنى التحتيّة يتلاقيان مع حركات علنيّة نشيطة تجبر الذين في السلطة على القبول بالتغيير الاجتماعي، الاقتصادي، والسياسي؛ الانخفاض في الاستهلاك سيجتمع مع محاولات جدّية وصادقة للتحوّل إلى ثقافة مستدامة.
لكن هذه التوقّعات المتفائلة ليست مرجّحة الحدوث. من المحتمل أكثر أن أولئك الذين في السلطة (والعديد من الناس العاديّين) سيتمسّكون أكثر بالحضارة حتى خلال انهيارها التامّ. ومن المرجّح أكثر أنهم سيدعمون الاستبداد إن اعتقدوا ان الاستبداد سيحافظ على امتيازاتهم وأوضاعهم.
المسألة الرئيسيّة التي سنعود إليها مراراً وتكراراً هي الوقت. سنبلغ قريباً (إن لم نكن بلغنا بعد) نقطة اللاعودة للكارثة المناخيّة. تعطيل المنظومات في هذه المرحلة من السيناريو الافتراضي تقدّم الانتقائيّة، أي أن الهجمات مهندسة بطريقة تركّز النتائج على الصناعة وتخفّفها عن المدنيين. لكن البنى التحتيّة الصناعية متشابكة بشدّة مع البنى التحتيّة المدنية، ولذلك إن لم يعمل التعطيل الانتقائي بعد فترة، بعض المقاومين قد يستنتجوا أن التعطيل الكامل مطلوب لمنع الكوكب من الاحتراق التام.
الفارق بين المرحلة الثالثة والرابهة في هذا السيناريو قد تبدو بسيطة، بما أن المرحلتان تستوجبان تحرّكات منسّقة لتعطيل المنظومات الصناعيّة على نطاق واسع. لكن المرحلة الثالثة تستلزم بعض العمل لإضعاف السيستيم، لتعبئة الناس والمنظّمات وللبناء على سلسلة من التحرّكات التعطيليّة.
المرحلة الثالثة أيضاً تعطي إشارات تحذيريّة عادلة وكافية للناس العاديّين للتحضير. إلى ذلك المرحلة الثالثة تعطي وقتاً للمقاومة لتطوير ذاتها على المستوى اللوجستي والتنظيمي، الأمر المطلوب للانتقال إلى المرحلة الرابعة. الفارق بين المرحلتان هو القدرة ومدى ضبط النفس. لكي يكون بامكان المقاومين في هذا السيناريو الانتقال من المرحلة الثالثة إلى المرحلة الرابعة، يحتاجون لأمرين:القدرة التنظيمية على القيام بتحرّكات بالمستوى المطلوب للمرحلة الرابعة، والتأكد التام من أنه لا يوجد طائل من الانتظار بعد لنجاح الاصلاحات في الوقت المطلوب.
في هذا السيناريو، المرحلتان الثالثة والرابعة تنقذان الكثير من الحيوات البشرية وغير البشرية. لكن إن لم تنجح أو تحدث التعبئة العلنية ما أن يبدأ الانهيار، المرحلة الرابعة تصبح الطريقة الأكثر فعاليّة لإنقاذ الأرواح.
تخيّل أنك في سيّارة مسرعة في مدينة مزدحمة بالمشاة. البشر المتحضّرون هم داخل السيارة، وخارج السيارة هي كل الحياة غير البشرية على الكوكب والبشر غير المتحضّرين وأولئك الذي لا يربحون من الحضارة شيء، وأولئك الذين لم يولدوا بعد. من نافل القول أن من هم خارج السيارة هم أكثر عدداً بكثير ممن هم داخل السيارة، لكن سائق السيّارة هو في عجلة من أمره، وهو يقود بأقصى سرعة ممكنة مصطدماً بالمارّة ومشوّهاً وقاتلاً الناس بالآلاف. معظم ركّاب السيارة لا يبدو أنهم يكترثون لذلك؛ فهم منهمكون بالذهاب إلى مكان ما، وسعداء بأنهم يحقّقون تقدماً بغض النظر عن الثمن.
بعض الركاب يبدون أنهم منزعجون من الوضع. إن استمرّ السائق بالإسراع، يلاحظون، من المحتمل أن السيارة ستتحطّم وسينجرح الركّاب. لكن لا تقلقوا، يقول أحدهم ويظهر بأن حساباته تظهر بأن الجثث المتجمّعة أمام السيارة ستؤدّي في نهاية المطاف إلى إبطاء سرعتها وإيقاف السيّارة بشكل آمن. أي تدخّل من الركّاب سيكون متهوّراً وبالتأكيد سيؤدّي إلى ردود فعل انتقاميّة من السائق، بل يمكن أن يرمي أحد الركّاب خارجاً ويدهسه لاحقاً بالسيارة.
أما أنت، فعلى عكس معظم الركاب، قلق حول المجزرة التي تجري في الخارج أكثر من قلقك حول السلامة المستقبليّة للركّاب. وأنت تعلم أنه يجب عليك فعل شيء ما. يمكن محاولة القفز من الشبّاك والهرب، لكن عندها السيّارة ستستمرّ بذبح الحشود، وستخسر أي فرصة للتدخّل. لذا تحاول أن تحاول تعطيل السيارة من الداخل، قطع الأسلاك الكهربائية، أو نزع الأرضيّة أو تشغيل الفرامل اليدويّة، أو حرفها عن مسارها أو أي شيء تستطيع فعله.
ما أن يدرك الركّاب الآخرون ما تحاول فعله سيحاولون إيقافك وربّما قتلك. وعليك أن تقرّر ما إذا كنت ستوقف السيّارة ببطء أو بسرعة. السيّارة تسير بسرعة الآن لدرجة أن إن حاولت إيقافها فجأة قد يصطدم الركاب بمقاعدهم أو يتطايروا من الزجاج، وقد تقتل بعضهم. لكن إن حاولت إيقافها ببطء، من يعلم كم من الناس ستضربها السيارة وتقتل فيما تستمرّ بالسير وتخفّف من سرعتها؟ وإن قمت فقط بإبطائها، قد يكون السائق قادراً على إصلاح العطل وإعادتها إلى سرعتها السابقة من جديد.
ماذا تفعل إذاً؟ إن اخترت إيقاف السيارة بأقصى سرعة ممكنة، ستكون عندها قمت بنفس خيار الذين قرّروا تنفيذ المرحلة الرابعة. لقد قرّرت إذاً أن إيقاف التدمير بأقصى سرعة ممكنة هو أهم من أي برنامج إصلاحيّ. طبعاً، حتى خلال إيقاف التدمير بأقصى سرعة ممكنة يمكنك أن تأخذ اجراءات للحدّ من الخسائر على متن السيّارة. يمكنك أن تقول للناس أن تجلس في مقاعدنا وتضع أحزمة الأمان استعداداً للاصطدام. أما مسألة ما إذا كانوا سيستمعون إليك فهذه قصّة مختلفة، لكن ذلك مسؤوليتهم هم لا مسؤوليتك أنت.
من المهم تجنّب الفهم الخاطىء للمرحلة الرابعة في هذا السيناريو الافتراضي. الهدف ليس التسبّب بخسائر بشريّة، بل هو إيقاف تدمير الكوكب. العدوّ ليس السكّان المدنيين – أو أي بشر على الإطلاق – بل هو سيستيم اقتصادي-سياسي-اجتماعي مَرَضي. التدمير الإيكولوجي على هذا الكوكب ناتج بشكل رئيسي عن الصناعة والرأسماليّة؛ موضوع السكّان هو عامل ثالث في أقصى الأحوال. هدف إسقاط البنى التحتيّة الصناعيّة في هذا السيناريو ليس أذية البشر، بل تخفيف الضرر بأسرع قدر ممكن وبطريقة تشمل الضرر الذي تسبّبه الثقافة السائدة لكلّ المخلوقات الحيّة في الحاضر والمستقبل.
هذه ليست مرحلة للناشطين العلنيّين. جزء من مهمّة الناشطون العلنيين في هذا السيناريو هو المساندة في تدمير البنى التحتية، لكنه يدمّرون البنى التحتية السياسية والاقتصادية لا الفيزيائيّة المادّية. بشكل عامل، هم يستمرّون بالقيام بما كانوا يقومون به في المراحل السابقة، لكن على نطاق أوسع ولمدى زمني أبعد. الدعم الشعبي يتم توجيهه للمنظومات السياسية والاقتصادية المحلّية الديمقراطية والعادلة. تُبذل الجهود للتعامل مع الأحداث الطارئة ومع الأجزاء الأبشع من الانهيار.
* * *
الأهداف:
- تعطيل البنية التحتيّة الحيوية الضرورية لعمل الحضارة الصناعيّة.
- التسبّب بانهيار صناعي واسع أبعد من أي نظام اقتصادي أو سياسي.
- القيام بتحرّكات مستمرّة ومنسّقة لعرقلة عمليات التصليح والاستبدال.
* * *
العمليّات:
- تركّز بشكل شبه حصري على العملّيات الحاسمة والمغذّية.
* * *
التنظيم:
- تستوجب وجود شبكات عسكريّة سرّية متقدّمة.
* * *